واليوم نتكلم عن قصة
( قابيل وهابيل )(المال والبنون زينة الحياة الدنيا )
كان لا بد للسيدة حواء أن تفكر بالولد وهذا من حق الزوجة
وكذلك أدم عليه السلام فكر بالولد
وشاءت الإرادة الإلهية أن تضع حواء توأمين
وضعت أولاً (قابيل وأخته)ثم وضعت في البطن الثاني (هابيل وأخته)
فرح أدم وزوجته بالولدين وقام الأبوان على رعاية وخدمة أولادهما
ويروي علماء السيرة أن أدم كان يحب أولاده ويعطف عليهم ولطيفاً معهم
وهذه هي علاقة الأب مع الولد وعلاقة الأم مع إبنها
ونشأ قابيل وهابيل في سعادة وطمأنينة واستقرارمع أبويهما أدم وحواء
وعاشت تلك العائلة الصغيرة التي بدأ منها نسل هذه البشرية العظيمة
ولكن مع بدء هذه الخليقة التي بدأت من أدم وزوجته حواء
بدأ الصراع بين الخير والشروبين الحق والباطل
كما بدأ هذا الصراع ونشأ في الملكوت الأعلى
عندما حسد إبليس أدم عليه السلام على مقامه والنعمة التي أعطاه الله إياها
نشأ قابيل وهابيل حتى بلغا مبلغ الرجولة وكبرت البنتان
فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى أدم
يا أدم زوج قابيل أخت هابيل وزوج هابيل أخت قابيل
وسارع أدم إلى ولديه حتى ينفذ أمر الله سبحانه
وليفرح بهما ويرى نسل أولادهِ على هذه البسيطة
والولد نعمة من الله سبحانه
قال الشاعر :
وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرضِ
لو هبت الريح على بعضهم لا متنعت عيني من الغمضِ فطلب من أولاده أن يتزوج كل منهما توأمة الآخر
والأب عندما يعرض فكرة ما على ولده
ويتقبل الولد مايعرض عليه أبيه
فإن هذا من أعمال البر
وبالتالي من الأعمال التي ترضي الله سبحانه
وهابيل كان رجلاً موفور العقل والجسم
استجاب هابيل لأمر أبيه لكن قابيل غضب ورفض أمر أبيه
لأن نصيبه أقل جمالاً من أخيه
هنا وقعت الواقعة العظيمة وهي ( الحسد )
زوجة قابيل أقل جمالاً من زوجة هابيل
ويقول أهل العلم :أن أول معصية وقعت في السماء هي (الحسد )حيث حسد إبليس أدم
وأول معصية وقت في الأرض هي (الحسد ) حيث حسد قابيل أخاه هابيل
هنا وقف أدم موقفاً فيه الحرج لا يريد أن يفرق بين أبنائهِ بسبب أمر ما
كالجمال الذي هو عبارة عن ظلِ زائل
وأن يقع الشقاق والخلاف بين ولديه لم يدري ماذا يفعل
فألهمه الله سبحانه وتعالى أن يقول لولديه أن يقدما قرباناً إلى الله سبحانه
فمن يقبل قربانه له الحق بما أراد
وسارع هابيل وقدم قرباناً وهو عبارة عن جملٍ كبير
وسارع قابيل وقدم قرباناً وهوعبارة عن قمح
فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل
إزداد الحسد والضغينة
قال هابيل ياأخي لا تحسد علي لا تحسدني
ياأخي راجع نفسك أنظر ماذا منعك الله ولم يقبل منك ولماذا قبلَ مني
إرجع إلى عقلك ورشدك لا تعاديني من أجل نعمةٍ أنعمها الله علي
ولم يلتفت قابيل إلى كلام أخيه ولم ينظر إلى الأخوة وإلى العاطفة
التي كانت بينهما وإنما تمادى في طغيانه
قال لأقتلنك وقال أهل العلم أن هابيل أقوى من أخيه قابيل ولكنه تورع عن قتل اخيه
وقال الله سبحانه :
(واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانًا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر
قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين *
لئن بسطت إليَّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين *
إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين *
فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين *) المائدة 27 إلى 30
قال الشاعر :
doPoem(0)
|
وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمـي لمختلـف جـداً
|
فإن أكلوا لحمي وَفَرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجداً
|
ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
|
ولما كان هابيل نائماً أخذ قابيل صخرة كبيرة وألقاها على رأس أخيه فقتله
إنطفأ مصباحٌ من مصابيح أدم
ماتت زهرةٌ من زهرات الحياة التي كان يتغنى بها أدم عليه السلام وراح أدم يبحث عن ولده فسأل قابيل ماحال أخيك
قال : لستُ وكيلاً ولا راعياً ولا حفيظاً عليه فسأل نفسك ياأبي
هنا علم أدم أن قابيل قد قتل أخاه
لكن لم يفكر هذا المغرور الذي إغتر بالجمال وبالمصالح الشخصية والذاتية
ماذا يصنع بجثة أخيه حملها على ظهرة وطاف بها في الأرض
وهنا كان لابد من رحمة الله تعالى أن تهبط ليوارى جثة أخيه
تلك الجثة الطاهرة التي أطاعت الله في أمره وأطاعت والدها في أمره
بعث الله غرابين فقتتلا فقتل أحدهما صاحبه
فحفر بمنقاره ورجله في الأرض وواره في التراب
كان هذا الغراب الطائر الأسود الضعيف
أستاذ لذاك الرجل الأحمق المغرور
قال قابيل ياويلتاه أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأورى سوءة أخي فأصبح من النادمين
قال ابن عباس :
أصبح من النادمين على عدم الإهتداء إلى الدفن لا على قتل أخيه
لأنه لو ندم على قتل أخيه لكان ندمهُ توبة ولكنه لم يتب أيها الأخوات والأخوة :نفهم من قصة
قابيل وهابيل أن الداء الخطير الذي يفرق ويمزق الأخوة هو ( الحسد )
وقد قال عمربن الخطاب رضي الله عنه :
(ماكانت على أحدٍ نعمة إلا كان لها حاسد )ويكفيك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك
وقال آخر :
( من علامات الحاسد أنه يتملق إذا أشهد ,ويغتاب صاحبه إذا غاب ,ويشمت بالمصيبة إذا نزلت )وقال آخر :
(إصبر على كيد الحسود فإن صبركَ قاتله كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله )وقال آخر :
doPoem(0)
|
يا حاسداً لي على نعمتي أتدري على من أسأت الأدب
|
أسأت على الله في حكمهِ لأنكَ لم ترضى لي ما وهب
|
فجازاك ربي بأن زادني و سد عليك وجـوه الطلـب
|
العاطي هو الله والمانع هو الله سبحانه
نحن كأمة مسلمة وفي حياتنا الإجتماعية
عرفنا الأخوة من خلال رسول الله صلى الله عليه وسلم
عرفنا المحبة من خلال القران
نجد الأخوة أصبحت بوقتنا هذا أخوةً ميتة متناسية قائمة على الحسدوالكراهية
وبئس هذا العمل
إذا خسرت أخاك فقد خسرتَ كل شيء
وإذا فاتك محبة إخوتك فاتكَ كل شيء
كم شقيقٍ ترك أخاه بسبب المال
قال الشاعر:
doPoem(0)
|
والناس ضاقت بالهموم ولم تعد فيهم صفات الحب والأحبابِ
|
نسي الشقيق مع الزمان شقيقه وكأنهم في البُعد كالأغرابِ
|
فالمال فرقهم ومزق شملهم وقضى على الأرحام والأنسـابِ
|
وعلاقة الأفراد فيما بيينهـم كعلاقـة المتخـوف المرتـابِ
|
والصدق والإخلاص زالَ عندهم وتنافروا لتوافه الأسبـابِ
|
وتلك المرأة التي جأت إلى الخليفة المأمون لتفتدي زوجها وأخاها وولدها
قال لها إختاري واحدٌ منهم وخذيه فنظرت تلك المرأة العاقلة الراشدة وقالت:
الزوج فإنه موجود
والولد فإنه مولود
والأخ فإنه مفقود
وقالت أريد أخي :
فقال المأمون لها لقد عجبتُ من حنكتكِ وذكائك فاذهبوا فإني قد عفوتُ عنكم جميعاً
نحن نقتل كل يوم الأخ
وأصبح الأخ بمثابة الفخ لويذهب أحد منا لمبنى المحاكم لوجد الدعاوي الكثيرة بين الأخوة
أخ يرفع قضية على أخيه
أين تحكيم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
أين المحبة
أيها الأخوات والأخوة :أصبحنا في حالٍ لا نُحسد عليه
وأصبحنا في امور لا ينبغي أن تكون منا كمسلمين
الحسد قد قفل قلوبنا
والعداوة كثرت
والمحبة تلاشت
ولكن هناك ناحية مهمة أريد أن أقولها :
قال عمربن الخطاب رضي الله عنه :
(مروا الأقارب أن يتزاوروا ولا يتجاوروا )مادمت بعيدأً عن أقاربك
من ناحية الزواج ,المعاملة ,البيع والشراء ,
فإنهم يحبونك وتحبهم
وإذا ما أصبحت قريباً منهم
تكثر الملاحظات والتدقيقات والمشاكل والخلافات
وكل خلاف يمكن حله إلا خلاف نشأ بين أخوين فلا تحاول أن تصلح بينهما
لله دره من قال :
كل العداوة قد ترجى مودتها إلا عداوة من عاداك عن حسدأدعوا الله أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ,
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين
احمدالشاعررررررررررررررررررر